السعودية وروسيا تتفقان نفطيا وتتقاتلان سياسيا وربما عسكريا .. ما هي فرص نجاح الاتفاق النفطي بتجميد الانتاج؟ وهل سترتفع الاسعار؟ وما هي اسبابه؟
16 فبراير، 2016
449 9 دقائق
يمنات – رأي اليوم
عندما تتفق كل من السعودية وروسيا اللذين تشتعل حربا باردة بينهما هذه الايام، يمكن ان تتحول الى مواجهات ساخنة في اي وقت في ظل تصاعد حدة التوتر في سورية، الى جانب دولتين اخريين هما فنزويلا وقطر، اثناء اجتماع وزاري رباعي انعقد اليوم في احد فنادق الدوحة، فان هذا يعني انهما لم تعودا تملكان القدرة على تحمل الخسائر الكبيرة الناجمة عن انهيار الاسعار، وتراجع عوائدهما المالية، وضعف عملتيهما بالتالي، وتفاقم تكاليف حروبهما.
عندما سألت صحيفة “راي اليوم” السيد عبد الصمد العوضي الخبير الكويتي في شؤون الطاقة، والمقيم في لندن، عن رأيه في هذا الاتفاق المفاجيء، قال انه “اتفاق نكته” لان المشكلة ليست في تجميد الانتاج عند معدلاته الحالية، بل في الضخ السعودي والخليجي الاضافي قبل عامين تقريبا، الذي ادى الى اغراق الاسواق وانهيار الاسعار، فالسعودية زادت انتاجها بمعدل مليون برميل، بينما حذت الكويت حذوها قبل ثلاثة اشهر، وزادت انتاجها بأكثر من 300 الف برميل، والتجميد يعني “شرعنة” هذه الزيادة واستمرارها.
السيد العوضي قال بالحرف الواحد “السعودية خلقت المشكلة، والآن تحاول ترقيعها، وليس حلها، وعمليات الترقيع هذه لن تفيد، ومن الصعب ان تغير الوضع، وان اي زيادة في الاسعار (ارتفعت دولار وربع الدولار كرد فعل على الاتفاق)، ستكون مؤقتة وسرعان ما ستتبخر”.
حتى يصمد الاتفاق لا بد من اقناع العراق وايران للالتزام بمضمونه، ولكن المشكلة ان هذه الدول، مثل ايران خاصة التي فقدت مليون برميل من حصتها المقررة من قبل “اوبك”، تريد استعادة حصصها التي استولت عليها السعودية، خاصة بعد رفع الحصار والعقوبات الدولية عن الاخيرة، واي حديث معها حول تجميد الانتاج بالمعدلات التي كانت عليها قبل كانون الثاني (يناير) الماضي اي قبل رفع العقوبات، يعني القبول بحصص مخفضة، والتراجع عن خططها (مثلما هو حال ايران)، في ضخ 500 الف برميل يوميا ابتداء من اول الشهر المقبل.
الامر المؤكد ان المملكة العربية السعودية التي اتخذت قرار اغراق الاسواق بكميات اضافية من النفط منتصف عام 2014 لاحداث حال من الشلل في الاقتصادين الايراني والروسي، ورفضت اي مقترحات داخل منظمة “اوبك” لخفض الانتاج لانقاذ الاسعار من الانهيار، بدأت تدرك خطر هذه الخطوة بعد ان خسرت الاسعار اكثر من 70 بالمئة من قيمتها، وردت عليها ودول خليجية اخرى سلبا، حيث بلغت خسارتها السنوية مجتمعه حوالي 325 مليار دولار في ظل عجوزات ضخمة في ميزانية العام الحالي والذي سبقه، وصلت الى مليار دولار في حالة السعودية تقريبا.
السعودية تخوض حربا في اليمن تدخل الشهر المقبل عامها الاول، وهناك من يقدر خسائها المادية فيها بحوالي 30 مليار دولار حتى الآن، وتستعد لخوض حرب اخرى في سورية ضد “الدولة الاسلامية” في العلن، وروسيا ونظام الرئيس الاسد في السر، لاطاحة الاخير عسكريا بعد انسداد افق الحل السياسي.
الرجوع عن الخطأ فضيلة، ولكن السؤال المطروح هو حول فرص تعاون الدول الاخرى المنتجة للنفط داخل منظمة الـ”اوبك” وخارجها مع هذا الاتفاق النفطي الرباعي، ثم هناك سؤال آخر حول ما اذا كان هذا التجميد للانتاج، حتى في ظل تعاون آخرين معه، والتزامهم به، سيؤدي فعلا الى ارتفاع دائم للاسعار؟
السيد العوضي يشك في الالتزام بالاتفاق اولا، وتجاوب السوق معه على صعيد رفع الاسعار ثانيا، وهو محق في نظرته التشاؤمية هذه، لان السعودية لم تعد اللاعب الوحيد الذي يتحكم بالاسعار، هبوطا او صعودا، مثلما كان عليه الحال طوال السنوات الخمسين الماضية من عمر المنظمة النفطية، وبات هناك لاعبون اساسيون غيرها، خاصة ايران التي تناصبها العداء.
السحر انقلب على الساحر حتما، وعمليات الترقيع لن تفيد، فقد اتسع الخرق على الراقع السعودي الذي تحيط به الازمات، ومن الجهات الاربع، ناهيك عن الداخل السعودي الذي بدأ يعيش في ظل اجراءات تقشفية لم يتعود عليها، ولم يتوقعها اساسا.